أسهم نظام مكافحة جريمة التحرش الذي أقرته المملكة في عام 2018 في حفظ الحرية الشخصية للأفراد والمجتمع، وانخفاض أعداد جريمة التحرش في المملكة، ويأتي امتداداً للقرارات والأنظمة التي تصدرها المملكة لحفظ الحقوق الشخصية، ومحاربة الجريمة، إيماناً منها بأهمية القيم الاجتماعية والآداب العامة، بما يضمن حياة كريمة لمواطنيها والمقيمين على أرضها.
وموافقة مجلس الوزراء قبل أيام عدة على إضافة فقرة «جواز التشهير بالمتحرش في الصحف بعد تضمين ذلك في الحكم القضائي»، تأكيد على استمرار الدولة في عزمها وحزمها في محاربة التحرش، وتقليص مستويات هذه الجرائم لحدودها الدنيا، ودليل على حرصها في ردع المخالفين للأنظمة، خصوصاً التي تمس كرامة الأفراد وتتجاوز على حرياتهم، كونها تمثل خطاً أحمر بالنسبة لها، ولا تقبل المساس بحريات الآخرين أو التعدي عليها، وسيكون القانون رادعاً لكل متجاوز.
ويتضمن نظام مكافحة جريمة التحرش عقوبات للمتحرشين بالسجن والغرامة، وأضيفت لها مؤخراً مادة تُجيز التشهير بالمتحرشين، حيث يهدف النظام إلى مكافحة جريمة التحرش والحيلولة دون وقوعها، وتطبيق العقوبة على مرتكبيها وحماية المجني عليه، وذلك صيانة لخصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية التي كفلتها أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة. وقال المحامي والمستشار القانوني سلطان الحارثي لـ«عكاظ»: «التحرش ينطبق على المتحرش لفظياً وجسدياً وبوسيلة إلكترونية، ولأجل ذلك العقوبات في مثل هذه أسندها الشرع والنظام إلى الحاكم الشرعي، وإضافة عقوبة أخرى رادعة كالتشهير، والنظام يرى أنها رادعة للمتحرش نفسه، والنظام والشرع مع أي طريقة كانت».
وأوضح المستشار القانوني عبدالله العصيمي لـ«عكاظ»، أن انخفاض أي جريمة نتاج وجود قانون ونظام ونص يُجرم أي سلوك يخالف نصوص النظام والمبدأ القانوني الذي نرتكز عليها (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص)، فانخفاض قضايا التحرش جاء نتيجة لإقرار نظام مكافحة التحرش، الذي بدأ العمل به في العام 2018، الذي نص على تجريم التحرش بكافة الطرق والوسائل التي أشار إليها النظام كما فرض عقوبات مشددة تتضمن السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات وغرامات مالية تتناسب مع حجم السلوك والفعل الإجرامي المرتكب على المدان في مثل هذه القضايا. وأضاف: «عند إقرار نظام مكافحة التحرش في العام 2018م لم يتضمن القانون نصاً يُتيح عقوبة التشهير كعقوبة تبعيه للجريمة الأصلية جريمة التحرش، حيث تمت إضافة عقوبة التشهير إلى العقوبات المنصوص عليها في نظام مكافحة جريمة التحرش، وذلك بحسب جسامة الجريمة وتأثيرها على المجتمع، وتخضع عقوبة التشهير كعقوبة تبعيه لتقدير القضاء وفقاً لجسامة الفعل الإجرامي المرتكب وكذلك في حالات العَود المتكرر لارتكاب الجريمة ومدى تأثير الجريمة على المجتمع».
وشدد العصيمي على أن تجريم أي فعل يخرج عن الآداب العامة وأعراف المجتمع يأتي للمحافظة على المجتمع من الجريمة وتطوراتها حيث إن استحداث القوانين الجزائية له الدور في محاربة الجريمة، ويسهم في المحافظة على الآداب العامة للمجتمع وإقرار مثل هذه القوانين خطوة قوية تساعد أجهزة الضبط الجنائي على رصد مثل هذه الأفعال ويُتيح للقضاء القضاء على جرائم التحرش بإصدار الإحكام المناسبة على مرتكبي جريمة التحرش سواء بالسجن أو الغرامة أو كليهما، بالإضافة إلى الحكم بالتشهير في وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من إقرار نظام مكافحة جريمة التحرش، إلا أن قضاياه تعتبر فردية ولا تعبّر عن المجتمع السعودي المعروف بشيمته وقيمته وانضباطيته داخل وخارج بلاده، لكن النظام امتداد للقوانين التي سنتها الدولة في الضرب بيد من حديد تجاه أية تجاوزات.